جستجوي پيشرفته | کتابخانه مجازی الفبا

والحمد لله رب العالمین، والصلاة والسلام على سید خلقه محمد و آله الطاهرین و صحبه المیامین و بعد:فبعون الله تعالى، و بمناسبة أسبوع الوحدة الإسلامیة فی ذکرى میلاد الرسول الأکرم(صلى الله علیه و آله وسلم) والإمام الصادق(علیه السلام)، عقد المجمع العالمی للتقریب بین المذاهب الإسلامیة مؤتمره الدولی الثالث والعشرین للوحدة الإسلامیة بطهران من 15-17 ربیع الأول 1431هـ الموافق 2-4 آذار/مارس 2010م بحضور 650شخصیة علمیة من الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة وسائر أنحاء العالم. وقد خُصص هذا المؤتمر لدراسة موضوع (الأمة بین المذهبیة والطائفیة).وقد افتتح المؤتمر سماحة آیة الله الشیخ هاشمی الرفسنجانی رئیس مجلس الخبراء ورئیس مجمع تشخیص مصلحة النظام فی الجمهوریة الإسلامیة الایرانیة بکلمة جامعة، وحظی المشارکون بلقاء سماحة الإمام الخامنئی (دام ظله) قائد الثورة الإسلامیة واستمعوا بهذه المناسبة الى حدیثه التوجیهی القیم.

مقدمة :یعیش العالم الإسلامی مرحلة حساسة من تأریخه، وذات تأثیر کبیر على مستقبله. فمن ناحیة، تعود الشعوب الإسلامیة الی اکتشاف ذاتها وهویتها، وتعیش حالة القلق من نهب ثرواتها ومن ناحیة تواجه تحدیات جمة فی کیانها وکیفیة انتخاب طریقها ومنهجها، وتعانی ضغوط الداخل والخارج فی استقلال قرارها وحریة تعبیرها، بل وتموه لها الرؤیة حتی تعود غیر قادرة علی التمییز بین المناهج والطرق وتحاول التیارات ان تستنزف ارادتها وعزمها.وفی هذه الأوساط والأجواء، نری أن زرع الإختلاف والتفرقة بین کیاناتها لا تدع لها فرصة لالتقاط الأنفاس والتروی لمعالجة الأزمات.

الخمس فریضة مالیّة، جُعِلت خالصة لنبیّه صلّی الله علیه وآله وذریته بدلاً من الزکاة، إکراماً وتطهیراً لهم من أکل الصدقات. کما هی من أهم الموارد المالیة التی یمکن أن یستعین بها ولی الأمر فی کفالة الفقراء، والمساکین، وأبناء السبیل من أهل بیت الرسول صلّی الله علیه وآله دون غیرهم ، حیث أمر الله تعالى عباده أن یُعطوها لهم، وقد ظنّ البعض ومن دون تحقیق أنّ هذه الفریضة من مفتعلات الشیعة الإمامیة، جهلاً منهم بأنّ المسلمین قد أجمعوا علی مشروعیة الخمس، وإن اختلفوا فی فروع ما یجب فیه، وکیفیة صرفه.فمن ذلک ما رواه السیوطی حیث قال: أخرج ابن المنذر، عن عبد الرحمن بن أبی لیلی، عن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام أنّه قال: إنّ الله حرّم الصدقة علی رسوله صلّى الله علیه وسلّم، فعوّضه سهماً من الخمس عوضاً ممّا حرّم علیه، وحرّمها علی أهل بیته خاصة دون أُمّته، فضرب لهم مع رسول الله صلّی الله علیه وسلّم سهماً عوضاً ممّا حرّم علیهم.

العالم الاسلامی مازال یواجه تحدیات عصیبة فی ظل الظروف الراهنة والحاکمة فی منطقة الشرق الاوسط، فالکیان الصهیونی یفرض سطوته الشیطانیة والتوسعیة لزرع الفساد فی الارض، و بعض حکام المنطقة العربیة یبسطون اذرعهم للسلام بدل الوقوف امام الهیمنة الصهیوـ امریکیة، و شعب غزة و فلسطین یعیش تحت الحصار والمصائب والمرارات، والضغوط تصبّ علیه ولکن الکل یعلم بان السبیل الوحید لحل مسألة فلسطین هوالمقاومة والکفاح المسلّح، أما الطرق الدبلوماسیة والتفاوضیة خلال العقود الاخیرة فلم تثمر شیئاً لصالح الشعب الفلسطینی. الغرب لازال یتفرج و مثله الامم المتحدة، رغم کل التقاریر المُدینة لاعتداءات الکیان الصهیونی علی الشعب الفلسطینی، ومؤتمرات القمم العربیة و غیرها اصبحت واضحة المعالم قبل ان تصدر بیاناتها الختامیة العاجزة عن نقد الکیان الصهیونی بل و حتی الالتزام بحدود اللاحرب واللاسلام، و ترک الفلسطینیین احراراً فی تدبیر امورهم مع الکیان الصهیونی، لأن القرار العربی لم یعد مستقلا، والاصرار الامریکی والصهیونی علی استمرار التخاذل العربی بات واضحاً، و اصرار هذه الدول علی اغلاق الملف الفلسطینی و تصفیته صار واضحاً لدی الجمیع.و لیست الاوضاع فی باکستان و افغانستان مؤاتیة لصالح المجتمع الاسلامی فالتدخل الأجنبی المستشری فی کل الامور والتفجیرات المدمرة والمستمرة والموجعة قد اخذت حیزاً واسعاً من هموم امتنا الاسلامیة.

تحت عنوان "الوسائل الشرعیة لمواجهة تحدیات قوانین الرقابة فی صناعة الخدمات المالیة الإسلامیة" انعقد فی المدینة المنورة الإجتماع الثالث للجنة الفقهیة لمجلس الخدمات المالیة الإسلامیة FISB للفترة من 6-7/صفر/1431 ﻫ.ق الموافق 21-22/کانون الثانی/2010 م، بحضور أعضاء اللجنة الفقهیة لبنک التنمیة الإسلامی وعدد من الخبراء الإقتصادیین.افتتح الإجتماع بکلمة ألقاها الدکتور الشیخ مختار السلامی من تونس، ثم عقدت جلسة العمل الاولی برئاسته، وتحدث فیها کل من الدکتور محمد داود بکر من مالیزیا والدکتور أحمد علی عبد الله حول موضوع الإجتماع.ثم ألقی سماحة آیة الله الشیخ محمد علی التسخیری الأمین العام للمجمع العالمی للتقریب بین المذاهب الإسلامیة کلمة أشار فیها إلی التحدیات الکثیرة التی تواجه نظام التکافل الإجتماعی بسبب ضعف أداء هذه المؤسسات، وکونها فی الحقیقة تعتمد على شرکات التأمین التی هی فی الأصل شرکات تجاریة، مضافاً إلى الخلل الموجود فی صیاغة هیکلیة هذه المؤسسات من الناحیة الشرعیة، حیث أنها لا تلزم عملاءها بدفع الأقساط المستحقة باعتبار أن العقود المبرمة هی عقود تبرعیة.

نظریة نفی الغرر فی المعاملات تمتلک بعداً واسعاً فی البحوث الفقهیة المعاملیة لدی علماء المسلمین، وتمتدّ إلى مختلف الابواب، ویُستند إلیها فی شتّى الفروع المعاملیة وبشکل مستمر. وربما أمکن القول بأن نفی الغرر هو من إحدی میزات المعاملات الاسلامیة المشروعة، بعد أن اعترفت القوانین الوضعیة صریحاً بعقود الغرر کالرهان والقمار، وهی بعد هذا تعترف بدرجات الغرر الاقل منها.ومما زاد من أهمیة دراسة (الغرر) أن موارده مشتبهة کثیراً بفعل أننا مهما فسّرناه فإننا نجد له درجات مختلفة، توجد الدرجة الادنى أو حتی المتوسطة منها فی معاملات کثیرة مقبولة شرعاً، فیجب إذن التمییز بین کل الموارد.

جعل الله سبحانه وتعالی الاختلاف من طبیعة هذه الحیاة الدنیا وغریزتها, وجعله بین أهلها من البشر, والاختلاف سنة ربانیة, وباقیة إلی أن یرث الله الأرض ومن علیها. فقال تعالی:

مدخل:تتعدد الأسباب والدواعی التی تستوجب تکثیف العمل المشترک لإشاعة ثقافة التجدید لکل شأن من الشؤون العامة للمسلمین، ونشر أدب الحوار فی الإسلام وتعمیق مفاهیمه، وتتعاظم المسؤولیات التی یتحملها أولو العلم والرأی فی هذه الأمة، لإنجاز هذه المهمة النبیلة التی لا سبیل الى النهوض بالعالم الإسلامی وتطویر مجتمعاته وترقیة مستویات الحیاة فیه، إلا سبیل التجدید الذی لا بد من أن یطال الجوانب المختلفة والأنساق المتعددة للحیاة فی البلدان الإسلامیة، من مذاهب الاجتهاد الفقهی ومناهج الفکر الإسلامی، وأسالیب الدعوة الإسلامیة، ومن برامج التربیة والتعلیم والتکوین والتأهیل، الی النظم الاقتصادیة والسیاسیة والاجتماعیة، الى أنماط الحیاة السائدة کافة. ولابد أن ینتظم هذا العمل إطار متکامل یسع کل ضروب النشاط البشری علی جمیع المستویات من منطلق الإیمان بأن العالم الإسلامی فی أشد الحاجة الی تجدید عمیق وشامل یهدف الی إقامة البناء الحضاری علی قواعد أشد رسوخاً وأقوى ثباتاً فی التعامل مع تحدّیات العصر والمشاکل المترتبة علیها.

C وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِیعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْکُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ إِذْ کُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِکُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا B(1).المقدمة:أنعم الله سبحانه و تعالی علی البشریّة بالأدیان والأنبیاء والرسل، و ختم بالرسول الأکرم(ص) رحمة للعالمین و رضی للإنسان الإسلام دیناً وسطاً، مما یمهّد للبشریّة جمعاء التعایش السلمی والتکامل نحو رفاه الإنسان، و نعمد فی الورقة المختصرة التعرّف علی بعض ملامح هذا الوجه الحضاری للإسلام وإمکانیّة التعامل والتداخل بیننا لتکامل الأمّة الإسلامیّة من خلال ثقافة التسامح التی تحفظ خصوصیّة کل مذهب کمدخلیّة للتقریب بین المذاهب الإسلامیّة بالإعتصام بحبل الله عزّ وجل و تعزیز تلک الثقافة و ذلک التقارب بمبادرات مشترکة للقضایا المشترکة ذات الأولویّة المتوافق علیها للأمّة یتلمّسها الشارع الإسلامی بمختلف مشاربه الفکریّة والمذهبیّة، حیث یقوم الإنسان بمراعاة أخیه الإنسان فی الحدیث وطیب الذکر، حتى یتقبّل منه الرأی ویحترم أخیه فی الدین ونظیره فی الخلق فی حال الإختلاف، فالتواصل و حسن المعشر هو الذی یؤسس للمودّة ومن ثم التسامح؛ و بذلک یقطع دابر الشک و یقضی علی الوهم والهواجس بالانطلاق من الثوابت المشترکة التی تتفوّق بامتیاز علی ما اختلفنا به من اجتهادات بشریة، والتی بدورها یمکن التعامل معها من منطلق الشوری التی أمرنا بها الباری جلّ شأنه.